أفلاطون رئيس أساقفة كوستروما
نقلها إلى العربية الأب أنطوان ملكي
أَلزِم نفسك بالنهوض باكراً وعلى ميعاد محدد. ما أن تستيقظ، وجّه فكرك نحو الله: ارسم إشارة الصليب واشكره على الليلة التي مرَّت وعلى كل مراحمه نحوك. اطلب منه أن يقود كل أفكارك وأحاسيسك ورغباتك، حتى يأتي كل ما تقوله أو تفعله مرضياً له.
فيما تلبس، تذكَّر حضور الله وملاكك الحارس. اسأل الرب يسوع أن يضع عليك ثوب الخلاص. بعد أن تغتسل ابدأ بصلوات الصباح. صلِّ راكعاً بتركيز وتوقير واتضاع، كما يليق أمام عيني الكلي الاقتدار. اسأله أن يعطيك الإيمان والرجاء والمحبة بالإضافة إلى القوة الهادئة لتقبل كل ما قد يجلبه إليك النهار الآتي من الصعوبات والمشاكل. اطلب منه أن يبارك أعمالك. اطلب المعونة: لإتمام بعض الأعمال الخاصة التي تواجهك وأيضاً لتسلك بوضوح بعيداً عن كلّ خطيئة.
إن استطعتَ اقرأ شيئاً من الإنجيل، خاصةً من العهد الجديد والمزامير. اقرأ بنية أن تحصل على بعض الاستنارة الروحية، محرّكاً قلبك نحو الندامة. بعد أن تقرأ بعض الشيء، استرِح وافتكِر بما قرأت، من ثمّ تقدّم منصتاً لما يوحي به الله لقلبك. حاول أن تكرّس ما لا يقل عن خمس عشرة دقيقة لتتأمّل روحياً بتعاليم الإيمان وما قد تكتسبه روحك ممّا قرأت. اشكر الرب دوماً لأنّه لم يتركك تهلك في خطاياك، لكنه يعتني بك ويقودك بكل السبل المُتاحة إلى الملكوت السماوي. ابدأ كلّ صباح بقرارك أن تكون مسيحياً وأن تحيا بحسب وصايا الله.
عند دخولك إلى وظيفتك، كافح لأن تقوم بكل شيء لمجد الله. لا تبدأ أيّ شيء بلا صلاة لأن كل ما تفعله من دون صلاة يتحوّل لاحقاً إلى تافه ومضرّ. كلمة السيد صحيحة: "بدوني لا تقدروا أن تفعلوا شيئاً". تمثّل بمخلصنا الذي عمل ليساعد يوسف وأمه الفائقة الطهارة. فيما تعمل حافظ على روح طيبة متّكلاً دوماً على معونة السيد. أنه لأمر حسن أن تكرر بلا توقف صلاة: "يا ربي يسوع المسيح يا ابن الله ارحمني أنا الخاطئ". إذا كانت أعمالك ناجحة إعطِ شكراً لله. وإن لم تكن، ضعْ نفسَك في تصرفه لأنه يهتم بنا ويوجّه كل شيء نحو الأفضل. تقبّل كل الصعوبات ككفارة عن خطاياك بروح الطاعة والاتضاع.
قبل كل وجبة، صلِّ لأن يبارك الله الطعام والشراب، وبعد الوجبة اشكر الله واسأله ألاّ يحرمك من البركات الروحية. إنه لَحَسَن أن تترك المائدة وأنت تشعر ببعض الجوع. في كل شيء، تلافَ الإفراط. اتبع مثال المسيحيين القدامى وصمْ أيام الأربعاء والجمعة. لا تكن طمّاعاً. كنْ راضياً بأن عندك طعام وكساء، متمثلاً بالمسيح الذي افتقر من أجلنا. جاهد أن ترضي الرب في كل شيء حتى لا يؤنبك ضميرك. تذكّر أن الله يراك دائماً، وهكذا كنْ يقظاً باحتراس في ما يتعلّق بأحاسيس قلبك وأفكاره ورغباته.
تلافَ أيضاً الهفوات الصغيرة حتى لا تقع في أكبر منها. أخرِج من قلبك كل فكر أو مخطط يبعدك عن الرب. جاهد خاصةً ضد الشهوات النجسة طارداً إياها من قلبك مثل شرارة محرقة تقع على معطفك. إن أردت ألا تزعجك الشهوات الشريرة، تقبّل الإذلال من الآخرين بصبر. لا تتكلّم كثيراً، تذكّر أننا سوف نعطي حساباً أمام الله عن كل كلمة نقولها. أن تسمع خير من أن تحكي: من المستحيل تلافي الخطيئة في الإسهاب. لا تكن فضولياً لسماع الأخبار التي تسلّي الروح وتلهيها. لا تُدِنْ أحداً واعتبر نفسك أقل من جميع الباقين. مَن يدين غيره يأخذ خطاياهم على نفسه. من الأفضل أن تحزن على الخاطئ وأن تصلي إلى الله ليصلحه على طريقته. إن لم يصغِ البعض إلى نصيحتك لا تجادله. وإذا كانت أعماله معثرة للآخرين، اتّخذ ما يناسب، لأن حسنات الناس، وهي كثيرة، لها وزن أكبر من خطايا الشاب. لا تحاجج ولا تختلق أعذاراً. كن لطيفاً، تحمَّل كل شيء على مثال يسوع. هو لن يزعجك بصليب يفوق قدرتَك، بل سوف يساعدك في حمل صليبك.
اسأل الرب أن يعطيك النعمة لإتمام وصاياه المقدسة بغض النظر عن كم تبدو صعبة. إذ تفعل خيراً لا تنتظر عرفان الجميل بل التجربة: لأن محبة الله تُمتَحَن بالعقبات. لا تأمل في أن تكتسب أي فضيلة من دون أحزان مؤلمة. في وسط التجارب لا تيأس، بل توجَّه إلى الله بصلوات قصيرة: "يا رب، أعِنني... علّمني... لا تتركني... احفظني..." يسمح الرب بالأهواء والتجارب ولكنه يعطي القوة لتخطيها.
أطلب من الرب أن يخلصك من كل ما يغذّي كبرياءك، حتى ولو كان مراً. تحاشَ أن تكون فظّاً، عابساً، متذمّراً، سيء الظن، شكاكاً أو مرائياً، وتحاشَ المنافسة. كنْ صادقاً وبسيطاً في تصرفك. تقبّل لوم الآخرين بضعة، حتى ولو كنتَ أكثر حكمة وخبرة. لا تفعل ما لا تريد الآخرين أن يفعلوه لك. على العكس، اصنع معهم ما تتمنى أن يصنعوه لك. إذا زارك أحد ما، كن لطيفاً معه، متواضعاً، حكيماً وأحياناً، بحسب الظروف، كن أيضاً أعمى وأصماً.
إذا أحسست بالارتخاء أو ببعض الفتور، لا تترك النظام المعتاد الذي وطدته من الصلوات والممارسات التقية. كل ما تقوم به باسم الرب يسوع، حتى أصغر الأشياء وأقلها أهمية، يصبح عمل تقوى. إذا رغبت بإيجاد السلام، أودِع نفسَك كلياً لله. سوف لن تجد سلاماً حتى تهدأ بالله وتحبه وحده. من وقت لآخر اعزل نفسك، على مثال يسوع، للصلاة والتأمّل بالله. تأمّل محبة ربنا يسوع المسيح غير المتناهية، وآلامه وموته وقيامته ومجيئه الثاني والدينونة الأخيرة.
اذهبْ إلى الكنيسة أكثر ما تستطيع. اعترف دائماً وتناول القدسات. بهذا تصمد في الله لأن هذا هو أعلى البركات. خلال الاعتراف، تُبْ واعترف بكل خطاياك بصراحة وندامة، لأن الخطايا التي لا يُعترَف بها تقود إلى الموت. خصّص الآحاد لأعمال المحبة والرحمة، مثلاً قمْ بزيارة بعض المرضى، عزِّ المحزونين، وساعد التائهين. إذا ساعد بعضنا مَن تاه لأن يتحوّل إلى الله فسوف يكون له مكافأة عظيمة في هذه الحياة وفي الآتية. شجّع أصدقاءك على قراءة الأدب المسيحي الروحي والاشتراك في مناقشة الأمور الروحية.
دعْ الرب يسوع المسيح يكون معلمك في كلّ شيء. توجّه إليه بشكل ثابت عن طريق تحويل فكرك إليه. اسألْه عن ماذا تفعل في مثل هذه الظروف؟
قبل أن تذهب إلى النوم، صلِّ حقّاً ومن كل قلبك، تأمّل بدقة في خطاياك خلال اليوم المنصرم. عليك أن تلزِم نفسك دوماً بأن تتوب بقلب نادم، بألم ودموع، لئلا تكرّر خطاياك. عند ذهابك إلى السرير ارسم إشارة الصليب وقبّل الصليب وسلّم نفسك إلى الله الرب الذي هو راعٍ صالح. تفكّر في أنك هذه الليلة قد تقف أمامه. تذكّر محبة السيد لك وأحبّه من كل قلبك وكل نفسك وكل فكرك.
بتصرفك بهذه الطريقة سوف تبلغ الحياة المباركة في مملكة النور الأبدي. نعمة ربنا يسوع المسيح لتكن معك. آمين
[b]