--------------------------------------------------------------------------------
الشات
( أشكرك يا إلهي ) قالها مينا وهو يجلس على كرسيه يتأمل الجهاز المسمى بالكمبيوتر في شرود ، ثم تذكر ذكريات عام مضى ، عام أضاعه مينا في تفاهات ، تذكر مينا إنه عندما كان في عامه الثاني في كلية الطب ، طلب من أبيه أن يشترى له كمبيوتر تواكـبا مع التـــطور الحــضاري ورغـبة منه في الــتعرف علـى شـبكة الإنـترنت التـي يصـفها الجـميع باعتبارها من أعظم اختراعات القرن العشرين.
تذكر مينا إن أباه قد وافـق على طـلبه وابتاع له جــهاز حديـث مزود بفاكـس مودم وعشـرات الامتيازات الأخرى ، وكانت فرحة مينا لا توصف، وابتدأ مينا في الدخول لعالم الكمبيوتر و الغوص في عالم الإنترنت و تعرف على عشرات بل مئات المواقع في مختلف المجالات.
كانت أول مرة يدخل فيها برنامج للدردشة Chat بعد مرور شهر من ابتياعه للكمبيوتر ، وتعرف على كثيرين وكثيرات وتعرف لأول مرة على مارتينا ، وقالت له مارتينا إنها فتاة فــي الـ19 من عـمـرها و هـي تدرس في كلية الفنون الجميلة و.....
و ازدادت علاقتهما قربا عبر الأيام والأسابيع والشهور ، عبر شبكة الخطر ( شبكة الإنترنت ).
تذكر مينا إنه تعلق بمارتينا جدا و توهم إنه أحبها و ذهب ليأخذ رأي أب اعترافه ، يومها قال له أب اعترافه : يا مينا إنك في المراحل الأولى من دراستك الطويلة المدى ، انتبه لدروسك و لا تشغل نفسك بهذه التفاهات التي لا طائل من وراءها إلا المتاعب ، لقد لاحظت إنك منذ شهر لم تأت لاجتماع الشباب ، فلماذا ؟
تلعثم مينا في الإجابة قائلا : لقد كنت أتحدث مع مارتينا عبر شبكة الإنترنت ، قال له أبونا : هذا ما كنت أخشاه ، لقد ابتدأ تعلقك بهذه الفتاه يطغي على حياتك الروحية يا بني ، هيا انهض من غفوتك وقم واقطع علاقتك بهذه الفتاة....
لم يستمع مينا لرأي أبونا ، فقد كان قد تعلق بمارتينا جدا ولكن الله الذي لا ينسانا لم يترك مينا.
وذات يوم دار بين مينا و مارتينا هذا الحوار عبر الإنترنت.
مينا : عزيزتي مارتينا ، لقد تعارفنا منذ شهور و مع ذلك لم نتقابل قط ، كل تعارفنا عبر شبكة الإنترنت ، أريد رؤيتك مرة واحدة ، و لو حتى بالصدفة !
مارتينا : لن أستطيع يا مينا ، فــPapi ( بابا ) لن يسمح لي بالخروج معك.
مينا: و من قال إنك ستخرجين معي ، ستذهبين للكنيسة لحضور اجتماع الشابات وأنا سأكون هناك بالصدفة البحتة.
مارتينا : اعذرني يا مينا و لا تغضب مني ، لن أستطيع.
لم ييأس مينا ، و كان قد حصل على نمرة هاتف مارتينا واستطاع بواسطة الدليل معرفة العنوان ، و قرر أن يفاجأ مارتينا بزيارته لها ، كــــان خائفا من غضب Papi عندمـا يذهـب لبيت مارتينا ولكـــن قرر أن يقـــول له إنه زميلها وقد جاء ليعطيها بعض الأوراق الدراسية اللازمة لها.
ارتدى مينا أفضل ثيابه و كان أنيقا للغاية في ذلك اليوم ، ضرب مينا الجرس ، ففتحت له فتاة صغيرة في السن ، ظن هو إنها أخت مارتينا.
( صباح الخير يا صغيرتي ، هل من الممكن أن أقابل mademoiselle ( آنسة ) مارتينا ؟ )
نظرت له الفتاة في استغراب ......
( تيتة مارتينا ، تيتة مارتينا ، فيه ولد عايزك )
أما مينا فقد استولى عليه الذهول تماما..... ( تيتة مارتينا ) .... و هنا خرجت عجوز في الخامسة والستين من عمرها وهي تتكئ على عصا و .....
لا داع لتكملة القصة ، فقد انتهت تقريبا ، لم يدر مينا كيف نزل من بيت ( تيتة مارتينا ) وكيف وجد نفسه في الشارع تائها ولكنه أحس إنه أخذ أكبر صفعة في حياته ، لم يعد لمنزله ، بل عاد لأب اعترافه والدموع تملأ عينيه ، لقد أضاع عاما كاملا في سراب ، في خداع ، في حب شخصية هلامية تقع وراء شبكة الإنترنت.
تذكر مينا كل هذه الذكريات المؤلمة ، وهو يجلس قدام الكمبيوتر ولكنه كان قد تعلم الدرس جيدا ، لقد أعطاه الله درسا لن ينساه.
كنيستنا لا ترفض العلم ولا تنبذ التكنولوجيا ، و لكنها ترفض أن ننساق لكل ما هو جديد دون تفكير.
و بهذا نعرف اننا قد عرفناه ان حفظنا وصاياه ، من قال قد عرفته و هو لا يحفظ وصاياه فهو كاذب و ليس الحق فيه ( 1يو 2 : 3-4 )
منقووووووووووووووووووول