القمص أشعياءميخائيل كنيسة الملاك ميخائيل - الظاهر
إن الضيقات التى يسمح الله أن نواجهها هى علامات على صحة مسيرتنا نحو الملكوت . وبدون
الضيقات نحن نخاف لأننا سنكون مطروحين بعيداً عن طريق الملكوت . والضيقات هى الصليب
الذى نحمله ونشترك فيه مع آلام المسيح المقدسة . وبدون الضيقات يستحيل أن يكون لنا نصيب
فى مجد القيامة . ومشكلة حياتنا على الأرض هى الرغبة فى الوصول إلى مجد القيامة دون
المرور على آلام الصليب .
ومع أن الضيقات هى علامة على مسيرنا نحو الأبدية، إلا أن الضيقات لها عمل يجب أن ننتبه
إليه ويجب أيضاً ألا نضيع فرصة الضيقة حتى نستغلها لحساب خلاص أنفسنا.
وهاهو الرب نفسه يهمس فى أذن نفس متضايقة "غير مخوفين بشيء من المقاومين، الأمر
28 ) فكأن هذه الضيقات بكل : الذى هو بينة للهلاك وأما لكم فللخلاص وذلك من الله " (فل 1
صورها وأشكالها هى من الله لخلاصن ا. ولذلك آان الألم هبة يعطيها الله لأولاده المختارين حتى
يختمهم بالختم الإلهي الذى يدخلهم به إلى الملكوت "لأنه وهب لكم لأجل المسيح لا أن تؤمنوا به
.(29 : فقط بل تتألموا لأجله " (فل 1
ونحن نحتفل بآلام السيد المسيح وبصليبه فإن إحتفالنا لا يكون بالطقس ولا بالألحان ولكن يكون
بقبول الألم والضيقة التى تأتي علينا بفرح وشكر وتسليم .
أما هذه الضيقات فأنو اعها آثيرة؛ ربما تكون من الناس وربما تكون من الأمراض وربما تكون
بموت أحد الأحباء وربما تكون من إضطهاد وظلم وربما تكون من إفتراء وتطاول الآخرين .
ولكن أياً آان نوع الضيقة فلا يجب أن تكون نتيجة لأي خطية أو شر قد إرتكبناه . أما عمل
الضيقة فى شأن خلاص أنفسنا ف هو:
1) الضيقات دعوة للتوبة والرجوع إلى الله :
إن الضيقات على قدر قسوتها وعلى قدر حزنها العميق فى النفس على قدر ما هى دعوة لكى
يفتش الإنسان على عيوبه وأخطائه ويرجع ويندم ويتوب عنه ا. لأنه يصعب على الإنسان
وقت الصحة والغنى والمديح والكرامة أن يقتنع أنه خاطئ يحتاج إلى التوبة . ولكن حين تأتي
الضيقة فإنه يسهل على الإنسان أن يفتش عن عيوبه ونقائصه وتقصيره
وأن يقف أمام الله آخاطئ . ألم يقل نحميا حين واجه ضيقة خراب أورشليم وتهدم الهيكل
.( وإنحدار الشعب "إنى أنا وبيت أبى قد أخطأن ا" (نح 1:6
إن الله يرسل الضيقات لك ى يدعونا للتوبة والرجوع إليه . أليس هذا هو ما حدث فى قصة
الطوفان وقصة سدوم وعمورة وتاريخ السبي لبنى إسرائيل .
2) الضيقات دعوة للصلاة :
هناك عمل نحن مطالبون وقت الضيقة . هو مضاعفة الصلاة . إن __________الشيطان يحاول أن يضيع
علينا فرصة الضيقة فيشغلنا فى أمور آثيرة ولك ن ياليتنا نذآر أن العمل الأول لنا فى الضيقة
هو الصلاة . وهذا هو ما قاله نحميا فى ضيقته بعد أن أعلن أنه صمت ولم يتحدث مع أحد فقال
"صليت أمام إله السماء وقلت ... لتسمع صلاة عبدك الذى يصلي إليك الآن نهاراً ولي لاً"
.(6-5 : (نحمي ا 1
فى وقت الضيقة ليت آل أحد يتع لم آيف يعتزل ليدخل ويتحدث مع الله "وأبوك الذى يرى فى
.( الخفاء هو يجازيك علانية " (مت 6:4
ما أقوى صلاة الضيقة الممتزجة بالحزن والدموع ! إن الله يشتمها آذبيحة ويفرح بها
.( وينتظرها لكى يخلصنا بها لأن "خلاصنا أيضاً فى وقت الشدة " (أش 33:2
وفى وقت الضيق إذ نلج أ إلى الصلاة نسمع صوت إلهنا يهمس فى أذاننا "بالرجوع والسكون
.( تخلصون بالهدوء والطمأنينة تكون قوتكم " (أش 30:15
ولا ننسى فى صلواتنا أن وصية الرب لنا هى "صلوا لأجل الذين يسيئون إليكم " (متى
5:44 ) وفى صلواتنا لأجل الذين يسيئون إلينا نطلب لهم الخلاص واتوبة ونطلب لهم حب
الحب ونقدم الله فى صلواتنا تأآيد محبتنا وتأآيد تسامحنا لهم من أجل المسيح الذى أحبنا
وسامحنا فى الصليب .
3) الضيقات هى دعوة للفضيلة والوصية :
هناك فضائل آثيرة لايمكن أن نقتنيها إلا فى وسط الضيق . وهناك وصايا لايمكن أن نمارسها
إلا وسط إساءات ال ناس لنا ألم يقل لنا المعلم "أحبوا أعدائكم، بارآوا لاعنيكم، أحسنوا إلى
44 ) فكيف نمارس تلك الوصايا إن لم يكن هناك من يعادينا ومن يلعننا : مبغضيكم " (متى 5
ومن يبغضنا ..
هناك فضائل آثيرة من الممكن أن نمارسها وسط الضيقات ولكن أهمهما هى فضيلة الوداعة
وعدم الغضب و الإنفعال . ومع فضيلة الوداعة تأتي فضيلة الإتكال على الله . وهكذا آان
الروح القدس هو الذي يكشف لنا ما نحتاجه من فضائل . وهو الذى يزين نفوسنا بتلك الفضائل
التى هى فى الحقيقة بمثابة تزيين العروس قبل زفافها لعريسه ا.
2) الضيقات هى دعوة للشكر والرضا والتسليم :
إن الشكر وقت المرض يفوق الشكر وقت الصحة . والشكر وقت الصليب يفوق الشكر على
رؤية مجد القيامة . ومن لم يتدرب على الشكر وقت الضيق لن يأخذ برآات الشكر وقت القيامة
والمجد . أما الرضا والتسليم فهما ذبيحة الصليب . ألم يقل داود لشاول حين آان هائجاً ضده
ويريد الخلا ص منه وقتله "والآن ليسمع سيدي الملك آلام عبده . فإن آان الرب قد أهاجك
19 : ضدي فليشتم ( يشم ) تقدمة . وإن آان بنو الناس فليكونوا ملعونين أمام الرب " ( 1صم 26
.(
ما أجمل التسليم وقت الضيقة . فنقول مع الرب فى بستان جثيماني "ليكن لا ما أريد أنا بل ما
.(36 : تريد أنت " (م ر 14
5) الضيقات هى دعوة للإتضاع والإنسحاق :
لما وجد الله أنه يصعب علينا أن نتضع وننسحق وسط الصحة والغنى والمديح والكرامة، لذلك
أرسل لنا المرض والفقر والمذلة والإساءات حتى نستطيع أن نقدم له ذبيحة لأن "ذبائح الله هى
17 ). ومن ذا الذى : روح منكسرة . القلب المنكسر والمنسحق يا الله لا تحتقره " (مز 51
يستطيع أن يتواضع دون أن يحمل الصليب . ومن ذا الذى يمكنه أن ينسحق دون أن يصلب
من أجل المسيح .
ولكن فى وقت الضيقة فإن الروح القدس يحذرنا من أمور ثلاثة تلك هى الناس والتذمر
والكراهية :
أ) الناس :
ألم يقل المعلم "إح ذروا من الناس " إنهم يمدحون اليوم ويذمون غداَ فهم متقلبون ويا ليتنا
لانضع سلامنا على الناس . ويا ليتنا أيضاً فى وقت الضيق لا نلجأ إلى الناس لنشكو لهم
لأنهم لا يملكون أى دواء أو عزاء بل هم يبعدوننا من دائرة الصليب والتعزية ويدخلوننا فى
دائرة الإنفعالات والشه وات .
ب)التذمر والشكوى :
إن فقدان برآة الضيق والصليب هو فى الشكوى والتذمر وعدم الرضا بالصليب . إن التذمر
والشكوى هما بمثابة التراب الذى يوضع فى الطعام بدلاً من الملح . إنه يفسد آل ما صنعناه
وما أحرزناه من تقدم فى حياة روحية .
ج) الكراهية :
حذار أن يكون فى ق لوبنا أي آراهية لمن يسيء إلين ا. هل نتمنى لهم الشر؟ هل نفرح بأذيتهم؟
هل نطلب من الله أن ينتقم منهم؟ هل نحلم فى نومنا بأذيتهم؟ لا يارب . إننا نطلب من أجل
الذين يسيئون إلين ا: ونطلب لهم حباً وصحة ونجاحاً وسمعة طيبة . ونعلن أمام
صليبك محبتنا لهم وتسامحنا إياهم لآنك أنت الذى أحببتنا وسامحتن ا. وآما غفرت لنا إعطنا
أن نغفر لهم . وعندئذ نفرح بكلمة الله المعزية لنفوسنا وقت الضيق :
"إننا نحن أنفسنا نفتخر بكم فى آنائس الله من أجل صبرآم وإيمانكم فى جميع إضطهاداتكم
والضيقات التى تحتملونها بينة على قضاء الله العادل . إنكم تؤهلون لملكوت الله الذى لأجله
تتألمون أيض اً. وإذ هو عادل عند الله أن اللذين يضايقونكم يجازيهم ضيقاً وإياآم الذين
تتضايقون راحة معنا عند إستعلان الرب يسوع من السماء مع ملائكة قوته " {فى المجيء
.(7-4 : الثاني } ( 2تس 1
بالحق أن الضيقات تفصلنا عن هذا العالم وتوطد إيماننا بأننا مدعوون للملكوت والأبدية.
0