كانت ابنة رجل مسيحى غنى جداً. وتيتمت من أمها وهى صغيرة فرباها أبوها ولما أراد أن يزوجها، ويمضى هو إلى أحد الأديرة قالت له:" انزع عنى زى النساء، وألبسنى زى الرجال " ونهضت فى الحال وحلقت شعرها وخلعت ملابسها ولبست زى الرجال فقام أبوها ووزع كل ماله على الفقراء وأسماها مارينا بدلا من مريم. ثم قصد أحد الأديرة وسكن فى قلاية هو وإبنته، وبعدها تنيح الشيخ وبقيت القديسة وحدها ولم يعلم أحد أنها إمرأة، بل كانوا يظنون أن رقة صوتها انما هو من شدة نسكها وسهرها فى صلواتها، واتفق أن رئيس الدير أرسلها مع ثلاثة من الرهبان لقضاء مصالح الدير فنزلوا فى فندق وكان أحد جنود الملك نازلا فيه فأعتدى على إبنة صاحب الفندق ولقنها بأن تقول لأبيها:" أن الأب مارينا الراهب الشاب هو الذى فعل ذلك " فغضب أبوها وأتى إلى الدير، وبدأ يسب الرهبان ويلعنهم. ولما اجتمع به الرئيس طيب خاطره وصرفه، ثم استدعى هذه القديسة ووبخها كثيرا. فبكت وقالت:" إنى شاب وقد أخطأت فأغفر لى يا أبى " فحنق عليها الرئيس وطردها من الدير فبقيت على الباب مدة طويلة. ولما ولدت ابنة صاحب الفندق ولدا، حمله أبوها إلى القديسة وطرحه أمامها، فأخذته وصارت تنتقل به بين الرعاة وتسقيه لبناً. إلى أن تحنن عليها الرهبان، وسألوا رئيسهم أن يأذن بدخولها فقبل سؤالهم وأدخلها الدير بعد أن وضع على القديسة قوانين ثقيلة. ولما كبر الصبى ترهب. وبعد أن أكملت القديسة مارينا أربعين سنة، مرضت ثلاثة أيام ثم تنيحت وعنما نزعوا ثيابها وجدوها إمرأة. فصاحوا جميعا قائلين:" يارب أرحم " وأعلموا الرئيس. ثم استدعى صاحب الفندق، وعرفه بأن الراهب مارينا هو إمرأة فذهب إلى حيث هى وبكى كثيرا، وبعد الصلاة على جثتها تقدموا ليتباركو منها. وكان بينهم راهب بعين واحدة، فوضع وجهه عليها فأبصر للوقت ولما دفنت أمر الله شيطانا فعذب ابنة صاحب الفندق والجندى صاحبها، وأتى بهما إلى حيث قبرها وأقر الإثنان بذنبهما أما الجميع