الصليب هو إنفصال وإتصال إنفصال عن الخطية وإتصال بحياة القداسة. إنفصال عن العالم ومحبته وشهواته وإتصال بالملكوت والأبدية. الصلي ب هو إنفصال عن كل زائل وإتحاد بكل خالد ودائم. الصليب هو إنفصال الإنسان عن ذاته وإتحاد بالله الذي هو مصدر الحياة والشركة ولذلك صلى الرب يسوع المسيح قبل الصليب لست أسأل أن تأخذهم من العالم بل أن تحفظهم من الشرير. ليسوا من العالم كما أني أنا لست من العالم (يو 17: 15-16).
الصليب هو ضعف وقوة إن ظاهر الصليب هو ضعف وليس شئ آخر سوى الضعف .
فيه صمت " ولم يفتح فاه كشاة تساق إلى الذبح ونعجة صامتة أمام جازيها فلم يفتح فاه " (أش 7:53) وما الصمت وقت المحاكمة إلا ضعف لآنه في منطق الناس لو كان المحكوم عليه لديه الدليل للدفاع عن نفسه لاستطاع أن يتحدث ليقدم برهان الدفاه ولذلك يقول الرسول بولس إن " ضعف الله (على الصليب)أقوى من الناس " (1كو 25:1) والصليب ليس ضعفاً في الصمت فقط ولكن هو ضعف في كل شئ حيث لا يستطيع الإنسان أن يدفع حكم الصليب فلا يمكن أن يوصف بأكثر من الضعف. ولكن هذا الضعف فجر من قوة لم تستطع أن تجاريها أي قوة ... تلك هي قوة القيامة " لأعرفه وقوة قيامته ".الصليب هو ظلم وتزكية الرب يسوع المسيح صلب ظلماً عن خطية أبناء آدم وعن تجديف آدم وهذا ظلم وإفتراء لأنه لم يفعل خطية ولم يرتكب تجديف. ولذلك كان حكم الصليب هو الظلم بعينه. وكل ظلم نحمله هو صليب. وكل صليب نحمله إنما مثول لهذا الظلم. وهذا الظلم يقودنا إلى الصبر حيث نسلم نفوسنا لله كذبيحة لكي يدافع عنا في صمتنا. وفي صليبنا يدافع الرب عنا وفي دفاعه عنا لابد أن يزكينا ( بشرط ألا يكون الضيق ناتج عن خطيتنا ) ولكن بيقى علينا التزام أكيد ألا وهو الالتزام بالصبر "نفتخر أيضاُ في الضيقات عالمين أن الضيق ينشئ صبرا والصبر تذكية" (رو( 4:5 الصليب هو حرب ونصرة كل ضيق يأتينا من الناس أو من عمل الشيطان إنما هو حرب يشنها الشيطان لكي نرفض تبعية الرب يسوع المسيح. ولكن هذه الحرب التي تأتينا من الشيطان مباشرة من الشيطان عن طريق الناس ... إنما هي دعوة للنصرة لأن الصليب هو سر النصرة " شكراً لله الذي يعطينا الغلبة بربنا يسوع المسيح >المصلوب<" (1كو57:15). الصليب هو حزن وبهجة في الصليب ليس شئ غير الحزن يغطينا من الخارج ومن الداخل. ولذلك لا عجب إذا سمعنا الرب يسوع المسيح في البستان يقول "نفسي حزينة جداً" إن حزن الصليب لا يستطيع أن يتحدث عنه إلا الذي ذاق مرارته وشرب جرعته. إنه حزن عميق يغطي الإنسان من كل جانب. ولكن هذا الحزن الذي لا يستمر أكثر من يوم الصليب وثلاثة أيام القبر إنما يقودنا إى فرح القيامة الذي لا ينزع قط بل هو فرح الأبدية الذي ينقلنا من الأرض إلى السماء. وهكذا يسجل الإنجيل إختبار التلاميذ بعد القيامة "ففرح التلاميذ إذ رأوا الرب" (يو19:20). ليتنا في ضيقاتنا نقبل الصليب ونرضى بالحزن حتى يأتينا الفرح الدائم الذي لا ينزعه أحد قط. الصليب هو نزول وصعود هكذا نقول في القداس الإلهي ( ونزل إلى الجحيم من قبل الصليب ) فالصليب هو نزول عن كل كرامة أرضية وكل مديح بشري. الصليب هو نزول من درجاتنا الكنسية إلى مستوى التراب والمزابل لكي نقدم توبة وإنسحاق. هو نزول عن كل حق في كرامتنا على الأرض حتى مسترد كرامتنا السمائية في الملكوت. لقد نزل الصليب في الأرض مسافة معينة حتى يمكن أن يثبت ولكن الصليب في نزوله إنما هو صعود إلى الأبدية والملكوت. لأنه بعد أن يخلع الإنسان كل كرامة أرضية فإنه يستطيع أن يحلق بأجنحة الإتضاع في سماء الحب الإلهي. الصليب هو موت وحياة الصليب هو موت حيث لم يرضوا أن ينزلوا الرب المصلوب من على الصليب إلا بعد أن تأكدوا من موته. ولكن هذا الموت تفجر منه دم وماء. الماء علامة الحياة والدم أيضاً علامة ثانية للحياة. ‘ن الميت لا ينزف دم. ولكن كل موت تذوقه في الصليب إنما هو دعوة للحياة. زلذلك نحن نأخذ جسد الرب ودمه ( خلاصاً وغفراناً لخطايا وحياة أبدية لكل من يتناول منه ).
[b]